عزيزي القاريء
من جديد نلتقي في سلسلة من المقالات هدفها التمرد على ما آلت اليه أفكارنا من ميراث ربما يكون قد بلى أو يحتاج الى أعادة صياغة لنصلح عبادتنا لله , لقد وصلنا في تفكيرنا الى أن الله هو اله نظام ودستور, لذلك عندما وضع الله آدم في الجنة ووضع له قانون للبقاء كان هذا الفعل منطقي وضمن سياق صفات الله …
ايضاً تكلمنا عن منطقية أن كاسر القانون لابد أن ينال عقابه, وهذه الفكرة سوف نفكر بها فيما بعد لأنها ربما تتعارض مع صفة أخرى من صفات الله, وهي صفة الرحيم … على أي حال لابد بتفكيرنا أن نجد حلا لهذه المعضلة … ولكن في وقته لأننا إلى الآن في قضية وضع القانون وليس في قضية اختراق القانون
لنحرك رؤسنا قليلاً
لقد تركنا في نهاية مقالنا سؤال في غاية من الاهمية وهو : … لماذا أسس الله قانون لآدم يمكن أن يخرجه عن منهجه الطبيعي … لماذا لم يتركه في مساره الطبيعي دون ذلك الامتحان الذي سمح بالتمرد!!
وبالتفكير في هذا الموضوع يتحتم علينا أن نحاول أن نعرف الفرق بين أسلوب خلق آدم ومن بعده حواء … وبين خلق كل الخليقة الاخرى … لأنه من الواضح ان الله خص الجنس البشري بالقانون, دون غيره من المخلوقات … مع أن نتيجة ما حدث شمل المخلوقات الأخرى بالتأكيد …
لن نخرج عن الموضوع … بعد أن خلق الله آدم وحواء أعطانا صفة للجنس البشري لم يصف بها أي خليقة أخرى … لنقرا معا المدون في فكر التكوين الإصحاح الأول
وقال الله نعمل الأنسان على صورتنا كشبههنا فيتسلطون ……….. فخلق الله النسان على صورته, على صورة الله خلقه, ذكرا وأنثى خلقهم, وباركهم الله وقال لهم أثمروا واكثروا واملأوا الأرض واخضعوها وتسلطوا …. ورأى الله أن ما صنعه فإذا هو حسن جداً
وفي هذا النص, نجد أن الجنس البشري مختلف تماماً عن بقية خليقة الله, إذ أن الله خلقه على صورته … فماذا تعني على صورته؟ … هذا الأمر يحتاج ايضاً الى تفكير, ولكننا نستطيع أن نرى مواصفات التشابه في الآيت التي الكلمة … فيتسلطون … إذا فالتشابه في السلطان, أيضا في إخضاع الآخرين.
إذا فالأنسان مخلوق صاحب ارادة وصاحب ابداع وقدرة على الابتكار وقدرة على أتخاذ القرار … هذا الاختلاف في طبيعة الخلق , جعل أنه من المحتم أن يكون له قرارات يتخذها.
وأول هذه القرارات أن يستمر على وضعه او أن يغيره … أن يختار الحياة فيأكل من شجرة الحياة … أو يختار الطريق الآخر فيأكل من الشجرة الأخرى … أنه دستور يجب أن يوضع للأنسان نظراً لطبيعة خلقة المختلفة
لقد خلق الله للرض أميراً وخليفة له متسلطاً على كل الأرض … وكان عليه أن يكبر تدريجيا في معرفة الله, ومعرفة سلطانه… لأن الله كان من مشيئته للأنسان أن يثمر ويتكاثر وهو في هذا الوضع الجميل. النص يقول هذا … فليس من نتاج الخطية مثلا أن آدم تزوج من حواء وأنجب … كان هذا الأمر سيحدث عندما ينضج الفكر البشري
ولكن هناك فرق بين أن ينضج الفكر البشري وهو تحت سلطان الله, وبين أن ينضج بعد أن يرفع راية العصيان المتمثل في اختراق قانون وضعه الله
لنرجع للفكرة الاولى
هل من المنطقي أن الله يضع دستورا لآدم يسمح له أن يدمر به حياته.
من طريقة الخلق للجنس البشري … هذا الأمر ليس منطقي فقط, ولكنه محتوم … فالانسان صاحب سلطان ومتسلط, وعلى صورة الله, أن طموح الله وأرادته من خلق الانسان لابد أن يجعله قادر على الاختيار
قادر على الاختيار بين ان يكون خاضعاً لله, أو متمرد عليه
ذلك الاختيار الذي يتبعه أيضا نتيجة هو مسؤول عنها … لأن القانون يقول
متى تأكل من شجرة معرفة الخير والشر موتأ تموت
هل هذا منطقي؟
أن مسلماتنا البشرية تقول أنها مجرد تفاحة تلك التي أكلها آدم … والله غفور رحيم … ولكن الموضوع أعمق من هذا بكثير … فثمرة معرفة الخير والشر مع شجرة الحياة هي القياس الذي يقيس رغبة الانسان في البقاء تحت قيادة الله … وهذا الدستور العادل لله.
عزيزي القاريء
أعرف أن هذا الفكر قد خلق أفكار جديدة تحتاج الى تفكير وتشغيل الدماغ … فنحن بين ايدينا الآن انسان بمواصفات خاصة .. وعمل عليه ان يعمله …ومستقبل مزدهر … ودستور يسير بمقتضاه … ولكن …
لو جاء الانسان وتمرد على دستور الله … وأكل من تلك الشجرة التي منعه الله أن يأكل منها … ما رأيك؟ هل يستحق العقاب؟ … بحسب قانونا البشري يجب أن يعاقب … فماذا عن القانون الالهي؟
سنتوقف في تفكيرنا عند هذا النقطة منتظرا آرائكم الثمينة … لنلتقي قريباً في مقال آخر
ولك التحية
عماد حنا